قناة الخاسكية التاريخية: هل لها مستقبل؟

قد يكون أهم سبب لإزدهار الزراعة في منطقة الوسطاني هو الإنجاز الهندسي والتاريخي المعروف ب “قناة الخاسكية” الذي بفضله أصبح من الممكن جرّ مياه نهر الأوّلي إلى بساتين الوسطاني.

- مصدر مياه قناة الخاسكية صورة لنهر الأولي في  منطقة علمان
مصدر مياه قناة الخاسكية – صورة لنهر الأولي في منطقة علمان

يعود إنشاء هذه القناة إلى العصر الروماني [1] وهي مكوّنة من مجموعة من القنوات السطحيّة والأنفاق الجوفية المحفورة في الجبال الصخرية على طول يتجاوز العشرة كلم.

قناة الخاسكية محفورة في الصخر
قناة الخاسكية محفورة في الصخر

القناة مؤلّفة من جزئين: الأول يبدأ من علمان ويتّجه غرباً على طول نهر الأولي بمسافة تصل إلى 7 كلم. في الجزء الثاني، تنعطف القناة عند موقع أشمون الأثري وتتجه جنوباً بمحاذاة حدود الوسطاني الشرقية، والمعروفة اليوم بطريق السلطانيّة.

المسار التاريخي لقناة الخاسكية
المسار التاريخي لقناة الخاسكية

 

تتواجد على طول هذه المرحلة الثانية مجموعة من المكاسر (الفتحات الجانبيّة) التي تصب في شبكة من الأقنية الثانوية وبرك المياه التي تخزّن وتوزّع المياه على بساتين منطقة الوسطاني.

صورة لمكسر السبعة برك
صورة لمكسر السبعة برك

اكتسبت القناة إسمها نسبةً إلى خاسكية وهي زوجة الأمير فخر الدين والتي كانت مسؤولة عن ترميم القناة في القرن السابع عشر [2]. وخلال الإحتلال الإسرائيلي لصيدا، قُصفت القناة وتدمّر جزء منها ولكن أعيد ترميمه سريعاً نظراً لأهميّة القناة والحاجة اليها. للأسف، لم يتم حتى اليوم إدراج القناة كجزء من المعالم الأثرية لمدينة صيدا،  مما سهّل تضرّر أجزاء منها جراء الحفريات وورش البناء على أطراف طريق السلطانية. تزامن هذا مع بدء اعتماد أصحاب البساتين أكثر فأكثر على حفر الآبار في منطقة الوسطاني مع نهاية الثمانينات. رغم ذلك ما زالت حتى اليوم مجموعة من البساتين في شمال الوسطاني وشرق صيدا تعتمد على قناة الخاسكية لريّ محاصيلها.

ورشة بناء بمحازاة طريق السلطانية
ورشة بناء بمحازاة طريق السلطانية

تبرز أهمية قناة الخاسكيّة اليوم على مستويين؛ بدايةً، إن استمرار قناة الخاسكيّة “كبنية تحتيّة” زودت صيدا بالمياه في مراحل مختلفة من تاريخها عبر نظام هندسي متطوّر يعتمد بأكمله على الجاذبيّة، يدعونا اليوم لإعادة تقييم دور الخاسكيّة في المستقبل في ظل زيادة معاناة المدينة من مشاكل شح المياه بشكل عام وإزدياد ملوحة مياه الآبار في منطقة الوسطاني (بعد ازدياد عددها وكثرة إستخدامها مما يهدد بزيادة تلوث مياه صيدا الجوفية واختلاطها بمياه البحر). على المستوى الوطني، يتم التخطيط اليوم لقناة جديدة تجر أغلبية مياه نهر الأوّلي إلى بيروت لحلّ أزمة المياه في العاصمة وهو ما يعزّز مكانة نهر الأوّلي كمورد إستراتيجي للمياه على صعيد المنطقة (الرابط إلى تقرير المشروع) . للأسف هذا الاهتمام بمياه نهر الأوّلي على المستوى الوطني يقابله إهمال سكان المدينة لأهمية النهر وقناة الخاسكيّة كمورد تاريخي ومعاصر للمياه في صيدا.

خريطة مشروع تحويل مياه نهر الأولي إلى بيروت
خريطة مشروع تحويل مياه نهر الأولي إلى بيروت

على مستوى آخر، ورغم أهمية القناة كمعلم أثري وحضاري للمدينة، فإنّها ما زالت مهدّدة من الحفريات على جوانب طريق السلطانية التي لا تأخذ بعين الإعتبار مرور القناة. هي مهدّدة أيضاً من مشروع توسيع طريق السلطانية (بصيغته الحاليّة) الذي قد يقضي أيضاً على مجموعة مهمّة من المعالم التاريخيّة والبيئيّة الممتدّة على الحدود الشرقية للوسطاني ( تناقش في مقال لاحق). ولكن في نفس الوقت، هناك فرصة ثمينة لحماية قناة الخاسكية وذلك في سياق مشروع ضم وفرز شرق الوسطاني، خصوصاً إن تمّ لحظ أهميّة القناة المائية والأثرية من قبل المخطّطين وأصحاب القرار في هذا المشروع.

داخل قناة الخاسكية
داخل قناة الخاسكية

[1]  يشير إلى ذلك المؤرخ الصيداوي طلال المجذوب ، حيث يقدر أن تاريخ إنشاء القناة قد يعود إلى ما قبل العصر الروماني. (مقابلة  شخصية 2012).

[2]  مقابلة مع المؤرخ طلال المجذوب في 2012.

فكرتان اثنتان على ”قناة الخاسكية التاريخية: هل لها مستقبل؟

  1. تنبيه: شرايين الحياة : إستكشاف المنظومة المائية في الوسطاني | Lil Madina Initiative

  2. تنبيه: “القناية الرفيعة” : القناة المرفوعة (Aqueduct) المنسية | servisseyn

أضف تعليق